وزير سابق يكتب.. حين تكون العطلة رافعة اقتصادية.. قراءة في دعوة صاحب الفخامة

اثنين, 21/07/2025 - 13:17

من اللافت هذا العام أن يدعو الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني عموم الموريتانيين إلى قضاء عطلتهم الصيفية داخل الوطن، وهي دعوة ذات أبعاد متعددة، لكن ما يهمني تسليط الضوء عليه في هذا السياق هو البعد الاقتصادي لهذا التوجيه، لا سيما في ظل تحديات التنمية والتوازن الجهوي.

إن هذه الدعوة، رغم بساطتها الظاهرة، تعكس تصورًا استراتيجيًا ذكيًا، يتجاوز الجانب الرمزي أو العاطفي، ليصب مباشرة في تنشيط الدورة الاقتصادية المحلية. فالعطلة، حين تُقضى داخل البلد، تصبح مناسبة لتحريك قطاعات اقتصادية راكدة، وفي مقدمتها السياحة الداخلية، النقل، الفندقة، الصناعات التقليدية، والخدمات المرافقة.

وبالنظر إلى أن آلاف الموريتانيين يقضون سنويًا عطلتهم في الخارج، وتُنفق مبالغ ضخمة بالعملات الصعبة في وجهات كالمغرب وإسبانيا وتركيا والسنغال، فإن توجيه هذا الإنفاق نحو الداخل من شأنه أن يقلل من نزيف العملة الصعبة، ويحول العطلة من مصدر استنزاف إلى أداة تدوير مالي داخلي.

من زاوية أخرى، فإن ما تحققه السياحة الداخلية من دخل مباشر للسكان المحليين، في المناطق السياحية أو ذات الجذب الطبيعي، يساهم في إعادة توزيع الثروة وتحقيق جزء من العدالة التنموية المنشودة. بل يمكن القول إن العطلة في الداخل، حين تُشجع بوعي من الدولة والمجتمع، قد تتحول إلى رافعة موسمية مهمة لتحريك الاقتصاد الجهوي وخلق وظائف موسمية للشباب والنساء في المدن الداخلية.

وأضيف من وجهة نظري، أن الثقة في الوطن تمر حتمًا من خلال الاستهلاك الواعي لمقدراته. حين نُفضّل شواطئنا على غيرها، ونُقيم في فنادقنا، ونأكل من منتوجنا المحلي، فنحن لا نُمارس مجرد سياحة، بل نُرسخ سيادة اقتصادية ناعمة، ونُعيد الاعتبار لصورة الداخل التي شوهها التهميش وضعف الاستثمار الإعلامي والسياحي. 
وفي الختام فإني أرى أن دعوة الرئيس غزواني هذا الصيف ليست مجرد مقترح عابر، بل هي إشارة ذكية لتحفيز الداخل اقتصاديًا، وبناء علاقة جديدة بين المواطن ومحيطه الجغرافي. وإذا استُثمرت هذه الدعوة بشكل مؤسسي وإعلامي وتخطيطي، فقد تكون نواة لتحول حقيقي في عقلية الاستهلاك والسياحة والتنمية في موريتانيا.

الوزير السابق الدكتورختارولدالشيباني